السعودية وإيران تاريخ من التوتر في العلاقات

0

تعيش منطقة الشرق الأوسط خلافا حادًّا بين قوتين إقليميتين صنعتا نفوذا قويًّا في المنطقة وتاريخ  الخلاف بينهما يمتد على سنين طوال إنهما السعودية وإيران الدولتان الخصمان اللتان تنطلقان في زعامتهما لدول الشرق الأوسط ولكثير من دول العالم الإسلامي من منطلق ديني يختلف في المرجعيات، فالسعودية دولةٌ ترى نفسها زعيمة الطائفة السنية في المنطقة، وكذلك تعتمد على أن بداية الإسلام كانت في المنطقة التي تحكمها الآن، وإيران الشيعية تعتبر نفسها ممثلة لثورة الحسين التي أراد من خلالها إقامة العدل في العالم الإسلامي، اشتد الصراع بين الدولتين بعد ما يعرف بثورة الخميني سنة 1979 وإزاحته لشاه إيران من سدّة الحكم.

وزادت حدّة الخلاف بين الدولتين مع حرب السنوات الثمانية التي خاضها العراق ضد إيران بدعم من دول الخليج وعلى رأسها السعودية، حيث امتدّت هذه الحرب منذ 1980-1988.

وبدأت الحرب تشهد ملمحًا آخر بعد سقوط دولتين وهما دولة طالبان في أفغانستان سنة 2001، وسقوط حكومة الرئيس العراقي سنة 2003، السقوط الذي فتح الباب أمام إيران لمدّ نفوذها في العراق وفي غيرها من الدول في الشرق الأوسط، وسعت السعودية لمقاومة هذا المدّ ولكن النتيجة إلى الآن هي لصالح إيران، وخاصة بعد سقوط صنعاء سنة 2014 بيد الحوثيين حلفاء إيران.

وسنستعرض في هذا المقال معلومات عن البلدين النفطيين الجارين، وتاريخ العلاقة بينهما، وسنبدأ بتاريخ العلاقة بينهما قبل 1979 وما بعدها:

طبيعة العلاقات السعودية الإيرانية قبل 1979م:

سنبدأ مع عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود (1902 – 1953) ورضا بهلوي (1926 – 1941) فكما تقول الدراسات والأبحاث التارخية والسياسية إن كلا العائلتين أي عائلة بهلوي في إيران وعائلة آل سعود في الحجاز، السعودية لاحقًا أسهمتا في ما يسمى تأسيس دول في كل منطقة حكماها، في مرحلة هذين الرجلين كانت العلاقت مضطرية قائمة على التنافس القائم على الاختلاف في فكر بناء دولة كل منهما، ورغم المحاولات التي كان يحاولها كل من الحاكمين بناء على أن الإسلام هو الجامع بينهما، رغم الاختلاف المذهبي في كثير من الأحكام الفقهية والسياسية، ولكن كانت هناك محاولات لأن تقوم علاقة استراتيجية بين الدولتين للترابط الجغرافي والتاريخي والاقتصادي بينهما إلا أنه مع ذلك بقيت العلاقات متوترة قائمة على التنافس بين الجارتين.

تاريخ أول اتصال دبلوماسي بين السلطتين:

وكان أول اتصال دبلوماسي بينهما أي بين ما كان يعرف في ذلك الزمن بسلطة نجد وسلطة فارس وقع هذا الاتصال سنة 1925.

وكان مضمون هذا الاتصال هو محاولة من الإيرانيين أن يصلحوا بين الملك عبد العزيز وبين ملك الحجاز علي بن الحسين، وذلك بعد محاصرة آل سعود لجدة. إلا أن هذه الدبلوماسية تصدّعت بعد احتلال رضا شاه بهلوي لعربستان، ثم تطوّر الأمر مع الخلاف بينهما على البحرين التي كانت إيران تدّعي أنها يجب أن تخضع لسلطانها وأنها من حقّها، وكذلك مع توقيع السعودية معاهدة 1927 مع بريطانية التي أدّت لاحتجاجات إيران عليها وتوسع الخلاف بين الجارين.

إعادة توطيد العلاقات سنة 1929:

رغم ما ذكرناه آنفا من اشتداد المنافسة بين الدولتين الجارتين إلا أنهما استطاعا أن يوطّدا علاقتهما بتوقيع اتّفاقية بينهما وذلك في آب سنة 1929 حيث رسخت هذه الاتفاقية أسس العلاقة بين الدولتين ، وتلا ذلك تعيين ممثل لكل دولة في الدولة الأخرى واستمر هذا الدفء في العلاقات حتى سنة 1943، تبعها حصول قطع للعلاقات بدأ من سنة 1944 واستمرّ حتى سنة 1946

استئناف العلاقات سنة 1953:

بدأت محاولات لإعادة العلاقات إلى سابق عهدها وكان المفتاح لها رسالة من الملك عبد العزيز إلى رضا شاه يدعوه فيها إلى إعادة العلاقات السياسية بين البلدين، وفعلا كان لهذه الرسالة أثر ظهرت نتائجه سنة 1953 بعد تعيين المملكة حمزة غوث سفيرا لها في إيران، تعيين طهران عبد الحسين صادق اصفند ياري وزيرًا مفوضًا لدى المملكة، اذ وجها جهودهما نحو تطوير صناعات النفط.

ثم اشتد عضد هذه العلاقة مع الملك سعود وشاه إيران الذي كان يحرص على أن العلاقات مع السعودية تمثل قوة استراتيجية للبلدين وخاصة بعد الاضطرابات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط واتفق الرجلان على أن الشيوعية هي الخطر الأكبر الذي عليهما أن يقفا في وجهه.

وتبع ذلك تصويت إيران لصالح السعودية بخصوص واحة البريمي في مجلس الأمن سنة 1956، وهذا لكسب ودّ السعوديين ضد البريطانيين الذين كانوا يسيئون للإيرانيين في البحرين.

وكانت الحادثة التي أدت إلى توتر العلاقات هو اعتراف شاه إيران بإسرائل سنة 1960، وخفف من التوتر أن إيران أوضحت لمجلس جامعة الدول العربية أن الاعتراف بإسرائيل لن يكون إلا شكليًّا فإنه لن يترتب عليه إقامة إية علاقات دبلوماسية بين إيران وإسرائيل.

تلا ذلك تطور في العلاقات بين البلدين مع وصول الملك فيصل للحكم الذي زار إيران وقام بجولة فيها، ولكن هذا الهدوء لم يكتب له الاستمرار مع بدء إيران بتوجيه اتهامات للسعودية والكويت بأنهما تنسقان مع بريطانية ضد مصالحها في البحرين، وخاصة بعد تأكيد السعودية على عروبة البحيرن، ولكن لم يتسمر التوتر إذ هدأ مع وساطة الملك الحسن الثاني ملك الغرب الذي قام بالوساطة بين الطرفين، وعادت العلاقات هادئة، حتى بعد مقتل الملك فيصل سنة 1975.

العلاقات بعد 1979:

بدأت طهران تشهد اضطرابات داخلية وخاصة سنة 1978 التي اشتدت فيها الضغوط على شاه إيران، ووصل به الأمر إلى العزلة وعدم وجود تأييدٍ داخليٍّ له، مما اضطره إلى مغادرة بلاده سنة 1979 إلى مصر، وهنا بدأت مرحلة حكم جديدة في إيران انعكست جذريًّا على علاقاتها مع الجارة السعودية.

صرّحت السعودية على لسان ولي عهدها فهد بن عبد العزيز أنها مع الشرعية أي تؤيد عودة الشاه محمد رضا بهلوي للحكم، وهذا انعكس على العلاقة بين البلدين فحاوت إيران تصدير الثورة الإيرانية إلى دول الجوار وأدت فكر التصدير إلى حدوث ما عرف بانتفاضة محرّم في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، وقامت إيران باستضافة معارضين سعوديين شيعة على أراضيها.

العلاقات بعد 1980:

كانت سنة 1980 سنة مفصلية في تاريخ العلاقات بين البلدين حيث ساندت السعودية العراق ووقفت إلى جواره لوجستيًّا واستمرت هذه الحرب ثماني سنوات ونتج عن هذه الحرب أنه وفي سنة 1984 دخلت طائرتان إيرانيتان من طراف اف 4 الأجواء السعودية التي بدورها تصدّت لهما وتمكنت من إسقاطهما بطائرتين من طراز اف 15.

وفي سنة 1986 ألقت قوات الأمن السعودية في مطار جدة القبض على حجّاج إيرانيين كانوا يحملون في حقائبهم مواد شديدة الانفجار بلغ وزنها 15كج.

ثم تلاه أحداث شغب من قبل حجاج إيرانيين في الحرم المكي نتج عنها وفاة 402 إنسان في الحج.

العلاقات بعد 1990:

شهدت العلاقات بين الدولتين مرحلة هدوء واستقرار بعد سلسلة من التوترات وخاصة مع وصول شخصيتين إصلاحيتين لسدة الرئاسة وهما هاشمي رفنسجاني ومحمد خاتمي، وتوجت العلاقات باتفاقية أمنية بين البلدين وقعا عليهما سنة 2001

العلاقات بعد 2005:

عاد التوتر بين الدولتين مع وصول أحمدي نجاد للحكم، وسقوط حكومة الرئيس العراقي صدام حسينن وسيطرة حلفاء إيران على العراق، وحصل في هذه الفترة اشتباكات بين الجيش السعودي والحوثيين حلفاء إيران على الحدود السعودية اليمنية، وكانت أعلى مراحل التوتر مع محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن، والتدخل السعودي العسكري في البحرين سنة 2011، واستيلاء الحوثيين على صنعاء سنة 2014، وما زالت العلاقات حتى الآن بين الطرفين تشهد توترات متلاحقة مع محاولة كل طرف إثبات نفوذه في المنطقة، وبدأت أصوات تنادي بالحوار منذ سنة تقريبا ولكن إلى الآن ما زال ملف العلاقات يشهد جمودا على جميع الأصعدة.

 

 

 

 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد